Tuesday, September 21, 2010

هل إن العالم متحضر فعلاً ؟

نفتخر ويفتخر العالم اليوم بمدى التطور الحضاري والتكنولوجي الذي وصل إليه حيث أصبحت الكثير من الأحلام حقائق ملموسة بفعل التطور التكنولوجي. اعترف بان العلم والتكنولوجيا انجر الكثير على طريق الإنسانية حيث أصبح علاج الكثير من الأمراض التي كانت تعتبر مستعصية سهلا وتوفرت وسائل الترفيه والاتصال بين البشر.

ولكن لو نظرنا إلى التطور من وجهة نظر أخرى أعم وأشمل بحيث نضع في اعتبارنا الإنسانية بصورة كاملة وشاملة ، نجد بان التطور الإنساني والاجتماعي يكاد لم يرتقي البتة منذ أن خلقت البشرية ولحد الآن فالعبودية لازالت موجودة إلى يومنا هذا و لو اختلفت صورها وأشكالها. حتى وان التكنولوجيا والتطور الحديث الذي ساهم في ترسيخ الهوة الطبقية قد زاد في تبلورها ففي الدول التي تسمى فقيرة وحتى في أوساط معينة من الدول المتوسطة أو الغنية، مازال البشر و من بينهم الأطفال يعملون حتى الموت من اجل توفير لقمة العيش ومازال البعض يبيع أطفالهم نتيجة للفقر ويموت الكثير لعدم تمكنهم من تلقي العلاج.
تنتشر المعامل التي أنشأتها الشركات المعروفة في الدول الفقيرة من اجل توفير أيدي عاملة رخيصة بدون الاكتراث لمدى التلوث البيئي الذي تسببه تلك المعامل.

أما في مجال العلم والتعليم الذي كان متوفرا بصورة للأكثرية تقريبا في بعض الحضارات القديمة فقد وقع اليوم أيضا تحت رحمة المادة بحيث أصبحت فرص التعليم مقتصرة على فئة معينة من البشرية.


و في مجال التسلح ووسائل القتل فقد زادتها التكنولوجية الحديثة فتكا وأصبح التفنن في إزهاق الأرواح علماً واختلاق الحروب والصراعات كوسيلة من وسائل الربح فناً.

لم نستفد من مما وفرته الإنسانية من وسائل للتواصل إلا بشكل محدود جدا ، بل على العكس تم استخدام وسائل الأعلام والتواصل لترسيخ التعصب الفكري والخلافات بين البشر وبذلك زاد الكره بين من يحمل أفكارا مختلفة أو يعيش في أماكن مختلفة من العالم.

أصبح استغلال الإنسان لاحتياجات الإنسان الآخر أكثر حرفيتا وترسيخا وذلك بسبب كبر الهوة بين الطبقات البشرية .

سبر الإنسان أغوار الفضاء وافقه ولكنه لمتراجع في إيجاد الحلول معضلة التعايش مع بني جنسه ومع الطبيعة التي يعمل وبدون وعي على تدميرها .


إن التطور الذي يتجرد من النظرة الإنسانية الشاملة ويقتصر على فئة معينة من البشر ويضيق سبل الحياة على الآخرين يكرس نظريات التمييز العنصري وتفوق الأجناس البشرية ولو بتوزيعات وطرق تختلف عن ما كان موجودا في السابق.

كما انه التخريب المستمر لبيئتنا الطبيعية بدافع التوسع المادي والعلمي الغير مدروس يضع آثاره السيئة على حياة الإنسان على هذا الكوكب يوما بعد يوم.


إنني لست ضد التطور العلمي، ولكن أن يكون هذا التطور مصحوب بتكور إنساني يضاهيه حيث انه لا جدوى من سبر أغوار الفضاء بدون الالتفات إلى حل مشكلة العيش والتعايش على الكرة الأرضية.